الكربوهيدرات


الكربوهيدرات

الكربوهيدرات هي مجموعة كبيرة من المركبات الكيميائية التي تتكون من عدد من ذرات الكربون والأكسجين والهيدروجين. 

وتتمايز هذه المركبات كيميائياً عن بعضها البعض فقط في عدد ذرات الكربون وما يقابلها من عدد جزيئات الأكسجين والهيدروجين . 

والظريف في الأمر أن نسبة الأكسجين والهيدروجين في كل هذه المركبات هي نفس نسبة هذين العنصرين في الماء . 

ومن هنا أطلق عليها العالم شميدت اسم كربو - هيدرات عام 1844 أي المركبات التي تتكون من اتحاد عدد من ذرات الكربون ولنفرضه "n" مع عدد آخر من جزيئات الماء ولنفرضه "x" يستخدم مقطع  "هيدرو" ليشير إلى الماء في اللغة اللاتينية أي أن الصيغة الكيميائية لأي مركب كربوهيدراتي يمكن الرمز إليها كما يلي Cn(H2O)x فمثلاً يرمز إلى : 

الجلوكوز C6(H2O)6 

النشا C6(H2O)x 

السكر C5(H2O)11 

وهكذا ومن هنا فإنه يمكن التصور بأن الكربوهيدرات بشكل عام ما هي إلا كربون ذائب في الماء بنسب مختلفة , وتعتمد تسمية أي منها على نسبة الكربون فيه وتبعاً لذلك نسبة الماء فيه . 

وتعتبر الكربوهيدرات من المواد الحيوية الرئيسية الهامة لكل أشكال الحياة ، ولكل نشاطات الخلايا الحية ولا تستطيع الخلايا الحية الاستمرار ببقائها حية دون وجود الكربوهيدرات .

 

ما هي أهمية الكربوهيدرات للجسم الحي ؟؟

في الحقيقة إن الكربوهيدرات تقوم بأدوار كثيرة في الجسم الحي سنتعرف على بعض هذه الأدوار وليس كلها وذلك لأن الحديث عن كل الأدوار في الجسم الحي ما لا يتسع له المجال هنا وسنكتفي بالإشارة إلى ما يخدم هدفنا من هذا البحث فقط . 

 تُصنف الكربوهيدرات إلى مجموعتين رئيسيتين :

  •  الكربوهيدرات البسيطة .
  •  الكربوهيدرات المعقدة .

أما البسيطة فتقسم إلى :

  • - سكريات أحادية : جلوكوز ، فركتوز ، جلاكتوز 
  • - سكريات ثنائية : سكروز ، لاكتوز ، مالتوز 

أما الكربوهيدرات المعقدة فهي :

  •  النشا 
  •  الجلايكوجين 
  •  البكتين
  •   السيلولوز 

السكريات البسيطة 

- الجلوكوز( سكر العنب)

أكثر أنواع السكريات انتشاراً في الثمار والخضراوات والفواكه كما أنه ينتج عن تحلل وهضم السكريات الثنائية في الجسم وكذلك عن تحلل الكربوهيدرات المعقدة مثل النشا والجلايكوجين والسيلولوز .  

ويعتبر الجلوكوز مصدر الطاقة الأهم للخلايا الحية ولكافة أعضاء وأجهزة الجسم الحي كالعضلات والدماغ و القلب وغيرها . 

ويتم اختزان الطاقة في الكبد والعضلات على شكل الجلايكوجين في الكبد وعلى شكل ميوجين في العضلات .


- الفركتوز

 وهو من المصادر المهمة للطاقة في الجسم وهو موجود في الثمار والفواكه ويوجد بكثرة بشكل خاص في التفاح والإجاص والعسل , وهو السكر الوحيد في البطيخ والشمام ويشكل حوالي 8% من الجزء المأكول من البطيخ . 

ومع أن الفركتوز والسكريات أو حتى الكربوهيدرات كلها تحتوي نفس كمية السعرات الحرارية في وحدة الوزن (4،2 سعر لكل غرام ) إلا أنها تتمايز فيما بينها تمايزاً كبيراً يجعل قيمتها الغذائية والحيوية لا تقاس بمحتواها من السعرات الحرارية فقط . 

وهذا ما أريد التركيز عليه بشكل رئيس لأهمية إدراك هذه الحقائق حين التفكير في تخطيط نظام الغذاء الصحي السليم ، وضرورة التمييز بين أنواع الأغذية بالاعتماد على ما تحتويه من عناصر غذائية ليس فقط بالاعتماد على المحتوى الحراري (السعرات) وذلك للأسباب عدة منها :  

أولاً : تبين الدراسات بأن الأمعاء تمتص سكر الجلوكوز بسرعة اكبر مرتين من سرعة امتصاص الفركتوز ومن هنا فإذا افترضنا وجود شخصين مثلاً يتمتعان بنفس المواصفات الصحية والوزن والطول والعمر والجنس وأعطينا الأول مئة غرام  جلوكوز والآخر مئة غرام فركتوز فماذا نتوقع ؟ 

الجواب : إن سرعة امتصاص الجلوكوز أسرع بمقدار الضعف . 

 لذلك فإن نسبة السكر في دم الأول ستكون ضعف نسبة تركيز السكر في دم الآخر إذا تم الفحص في نفس اللحظة وبالتالي فإن الجسم سوف يفرز كمية من الأنسولين أكبر في وقت أقل عند الشخص الأول وسوف يضطر الجسم إلى تخزين كمية أكبر في وقت أقل عند الشخص الأول منه عند الشخص الثاني . 

وسوف يضطر الجسم إلى تخزين كمية أكبر من السكر وتحويلها إلى جلايكوجين ودهون في حالة الشخص الأول بينما سوف يتم احتراق السكر لتأمين احتياجات الجسم من الطاقة بشكل تدريجي ولفترة أطول في حالة الشخص الثاني . 

ومن هنا فأن الشخص الأول سوف يشعر بالجوع بعد وقت أقل من الشخص الثاني ، وذلك لأن دخول الفركتوز التدريجي إلى الدم ولفترة أطول سوف يجعل الشخص الثاني يشعر بالشبع لفترة أطول من الأول. 

وبالتالي فمع أن السعرات الحرارية المعطاة للشخصين واحدة إلا أن النتائج المترتبة على ذلك مختلفة جدا. 

ومن هنا فإن تناول الأغذية الغنية بالجلوكوز يتوقع أن يكون له أثر أكبر في زيادة الوزن وتراكم الدهون من الأغذية ذات نفس المحتوى من السعرات الحرارية ولكنها غنية بالفركتوز بدلاً من الجلوكوز . 

ثانياً : تختلف السكاكر بشدة مذاقها الحلو . 

فحسب مقياس "بيستروود" الذي يعتبر شدة حلاوة سكر القصب أو الشمندر (السكروز) كأساس لمقياس حلاوة السكاكر الأخرى ويعتبرها اصطلاحاً 100 مئة وحدة كما يلي :

 
السكر                                 شدة الحلاوة النسبية 
سكروز                                        100          
فركتوز                                        173           
جلوكوز                                          74           
لاكتوز                                           16         
 

من هذا الجدول يتبين أن أكثر السكريات حلاوة هو الفركتوز التي تبلغ تقريباً ضعف حلاوة السكر العادي . 

ومن هنا فإن استخدام الفركتوز في صناعة الحلويات مثلاً تمكن من استخدام نصف كمية السعرات مع الحصول على نفس المذاق الحلو ، وهذا قد يكون مفيداً جداً في موضوع علاج السمنة ، إذ يمكن إدخال الفركتوز في صناعة الحلويات بدلاً من السكر . 

ثالثاً : تشير الدراسات البيوكيميائية بأن الكبد يستطيع التقاط نسبة كبيرة من الفركتوز الموجود في الدم الداخل إلى الكبد . 

وتبلغ هذه النسبة حوالي 70-80% ويتم تحويل هذه الكمية بسرعة إلى الجلوكاجين مما يساعد على تخليص الدم من الكمية الزائدة من السكر ، ويمنع إلى حد كبير تراكم الدهون . 

وهنا تكمن الفائدة العظيمة للفواكه والخضراوات والعسل حيث تحتوي على كميات كبيرة من الفركتوز ولكنها لا تؤدي إلى  السمنة أو إلى الأضرار بمرضى السكري أو المرضى المصابون بارتفاع دهنيات الدم .  

في حين أن تناول نفس الكمية من السعرات الحرارية على شكل جلوكوز أو سكر السكروز تؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم وارتفاع نسبة المخزون الدهني ، واختلال دهنيات الدم وزيادة الوزن . 

كما تشير الدراسات بأن تناول السكر (السكروز) يزيد من تحويل كافة المواد الغذائية (النشا،البروتينات،الدهون) إلى مخزون دهني. 

وبالتالي إلى تفاقم مشكلة السمنة ، حتى ولو التزم الشخص بالحد اليومي الأدنى من السعرات الحرارية ، إذا كانت مكونة من السكاكر ( الجلوكوز والسكروز ) بالإضافة إلى تناول كمية كبيرة من السكروز أو سكر القصب والشمندر يؤدي إلى اضطراب دهنيات الدم ، بينما يعمل الفركتوز بالاتجاه المعاكس كما أشرنا سابقاً . 

رابعاً : تشير الدراسات إلى أن الأغذية المحتوية على كمية عالية من السكر العادي (سكروز) تزيد من عمليات التخمير في الأمعاء مما ينتج عنه اضطراب هضمي يتمثل فيما يسمى " بالانتفاخ " أي زيادة كمية الغازات في الأمعاء. 

بينما يمتاز الفركتوز بأثره الإيجابي في هذا المجال ، حيث يقلل من عمليات التخمر والانتفاخ وقد تمكن الصناعات الحديثة من إنتاج محلول سكري من الذرة يحتوي على السكروز والفركتوز للاستفادة من المعطيات التي ذكرناها أعلاه. 

ولكي يستخدم في صناعة الحلويات والمشروبات الغزية المحلاة والمرطبات كالبوظة وصناعة أغذية الأطفال ، نظراً لأن الفركتوز يقلل من احتمالية تسوس الأسنان . 

وقد بلغت نسبة استخدام هذا المحلول السكري 32% من كمية السكر المستخدم في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980 وتتبارى كل من فرنسا وانجلترا وألمانيا وأمريكيا واليابان في إنتاج هذا المحلول السكري وإحلاله مكان سكر القصب أو سكر الشمندر في الصناعات الغذائية . 

والجدير بالذكر بأن العسل الطبيعي يمتاز بهذه الصفة الممتازة ، حيث يتكون السكر الموجود في العسل من :

  • فركتوز 37%
  • جلوكوز 36%
  • سكروز وسكريات أخرى 17%

فسبحان الله !


سكر الشمندر (أو قصب السكر) : 

ويعرف بالسكروز وهو سكر ثنائي يتكون من الفركتوز والجلوكوز ويستخلص من الشمندر الذي يحتوي على 14-18% من وزنه على هذا السكر, ويكون ما يقارب 10-15% من قصب السكر وهو سهل الامتصاص وسهل الهضم.  

ونكتفي بما ذكرناه عنه أثناء حديثنا عن الفركتوز ، وهو أكثر أنواع السكاكر استخداماً في الغذاء البشري .


السكريات أو الكربوهيدرات المعقدة 


تسمى كذلك لأن الجزيء منها يتكون من سلسلة طويلة من السكاكر الأحادية .

النشا : 

يتكون كيميائياً من سلسلة طويلة من السكريات الأحادية ، التي تتحول بفضل العمليات الهضمية المعقدة إلى الجلوكوز الذي يمد الجسم بالطاقة كما أسلفنا . 

وتعتبر الحبوب والبقوليات والبطاطا من أهم مصادر النشا ، والذي يشكل حوالي 80% من مجموع الكربوهيدرات التي يستخدمها الإنسان في غذائه .

 

الجلايكوجين :

 تتم صناعة الجلايكوجين من الجلوكوز والفركتوز في الكبد والعضلات ويعتبر مخزون للطاقة يستخدمه الجسم عند الحاجة ، كما أن عملية بناء وهدم الجلايكوجين لها دور كبير في عملية تمثيل الغذاء في الجسم ككل .

 

البكتين :

 هي سكريات معقدة موجودة في جدران الخلايا النباتية ولها فوائد عديدة تستخدم في صناعة المربيات والأغذية الهلامية (الجلي) والأدوية والصناعات الدوائية خاصة في أدوية أمراض الجهاز الهضمي .

 السيلولوز أو الألياف النباتية :

 وهو سكريات معقدة ، لا يستطيع الإنسان هضمها ومع ذلك فلها فوائد عديدة حيث أنها تنظم عمل الأمعاء وتمنع حدوث الإمساك ، وتمنع ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم حيث أنها تقلل من امتصاص الكوليسترول من الأمعاء. 

 كما أن هذه الألياف تساعد على إيجاد التوازن بين الجراثيم المفيدة والجراثيم غير المفيدة في الأمعاء ، مما ينظم ويقوي مناعة الجسم بشكل عام ضد كثير من الأمراض . 

كما أنها تقلل من امتصاص السكريات الأخرى ، وبذلك تساعد في التقليل من تراكم الدهون وبالتالي إلى الإسهام في علاج السمنة .

الكربوهيدرات ليست سعرات فقط !

هناك عدد من الكربوهيدرات التي تمتاز بأثرها الحيوي الهام ، ولا تتبع أهميتها من محتواها الحراري فقط ومن هذه الكربوهيدرات :  

  • - حمض الأسكربين Ascorbonic acid : يتمتع بصفات ومزايا فيتامين C البيولوجية . 
  • - الهبارين Heparin : وهو سكر معقد يلعب دوراً هاماً في عملية المحافظة على الدم في حالة السيولة والجريان ، ويمنع تخثر الدم في الأوعية الدموية . 
  • - حمض الهيالورون Hialoronic acid : التي تمنع اختراق الجراثيم للجلد والخلايا الحية ، وتمنع الإصابة بالأمراض التي تسببها هذه الجراثيم . 
  • - ويعود الفضل إلى الكربووهيدرات في تحديد فصيلة الدم وصناعة الأحماض الأمينية والبروتينات السكرية Glucoprotiens وغيرها من الوظائف الحيوية الأخرى . 
  • - الكربوهيدرات ضرورية لاحتراق الدهون وعدم تراكم الأجسام الكيتونية والأسيتون الناجمة عن احتراق الدهون والتي تؤدي إلى تحمض الدم Keto-acidosis وتعريضه إلى الهلاك كما يحدث عند بعض مرضى السكري الغير معالج بالطريقة الصحيحة . 
  • - الكربوهيدرات تساهم في عملية تنظيم حموضة الدم وقاعديته الحيوية جداً  لكل أنشطة الخلايا الحية والأعضاء بشكل عام وخاصة الكليتين والرئتين والقلب والجهاز العصبي وهو ما يسمى ب acid - base balance أي الاتزان الحامضي - القاعدي الذي يؤدي اضطرابه إلى تعرض الحياة إلى الخطر المباشر . 
  • - إن تأمين الجسم الحي بالكمية الكافية من الكربوهيدرات كمصدر للطاقة يمكن الجسم من المحافظة على بروتيناته وعدم حرقها كمصدر للطاقة. ولهذا السبب فإن الأنظمة الغذائية أو الحميات التي تفتقر إلى الكربوهيدرات تؤدي إلى إنقاص الوزن عن طريق حرق البروتينات والعضلات وليس الدهون مما يتسبب في إنقاص وزن الجسم ولكن بدون إنقاص محتواه من الدهون وهذا أمر في غاية الخطورة . ومن هنا فإن الجسم الحي بحاجة إلى كمية محدودة من هذه المواد الحيوية ، بحيث إذا قلت هذه الكمية قد تضطرب وظائف الجسم الحيوية بمقدار يتفاوت حسب كمية ونوعية النقص . كما أن زيادة هذه المواد عن حد ما معقول يؤدي إلى اضطرابات كثيرة أيضاً ، منها السمنة والسكري وارتفاع دهنيات الدم وتصلب الشرايين وغيرها ، إذاً لا النقص محمود ولا الزيادة مأمونة وخير الأمور الوسط . 
  • - ويجب أن تشكل الكربوهيدرات المتخلفة حوالي نصف احتياجات الجسم اليومية من الطاقة والنصف الآخر يغطى على حساب البروتينات 20% والدهون 30% .




نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-